الثلاثاء، 1 أغسطس 2017

تخريج أثر يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! يُعَذِّبُنِي اللهُ عَلَى الصَّلَاةِ؟ قَالَ: « لَا. وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ ».



عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يُكْثِرُ فِيهَا الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ فَنَهَاهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! يُعَذِّبُنِي اللهُ عَلَى الصَّلَاةِ؟ قَالَ: « لَا. وَلَكِنْ يُعَذِّبُكَ عَلَى خِلَافِ السُّنَّةِ ».
(صحيح بمجموع طرقه):
أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) [3/52 رقم: 4755]، والدارمي في (المسند) [1/126 رقم: 436]، وابن عبد البر في (التمهيد) [20/104]، والبيهقي في (الكبرى) [2/466 رقم: 4621].
من طرق عن الثوري عن أبي رباح عن سعيد به.
قلت: أبو رباح هو: عبد الله بن رباح القرشي، ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير) [5/ 85] وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) [5/ 52] ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات) [7/3].
قلت: روى عنه مسعر بن كدام والثوري، فيحسن حديثه على أقل أحواله، ولذلك قال الذهبي كما في (الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية) [ص:156]: (إسناده قوي.) اهـ. وصححه الإمام الألباني رحمه الله في (الإرواء) [2/236] وقال: (وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الة تعالى وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم انها ذكر وصلاة ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة!! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك) اهـ.
هذا... وقد صحف (أبو رباح) بالموحدة، إلى (أبو رياح) بالياء التحتية، والصواب الأول كما أثبته، ولله الحمد.
وقد اضطرب الحويني - هداه الله – في تعينه، فقال في (الفتاوى الحديثية) [1/428]: (ورجالُهُ ثقاتٌ أئمةٌ، لولا أن أبا رباح شيخ الثوري ما عرفتُهُ، ويحتمل أن يكون هو أبو رباح بن أبي الحكم بن حبيب الثقفي، ترجمه ابنُ أبي حاتم (371/2/4)، وابن حبان في "الثقات" (573/5) وقالا: "روى عنه عمر بن ذرّ".
ويحتمل أن يكون هو رباح بن أبي معروف المكيِّ، وتكونُ أداةُ الكنية مقحمةً، فإن الثوري يروي عنه، وهو قد روى عن جماعة من التابعين، منهم عبد الله بن أبي مليكة، وغيره، فروايتُهُ عن سعيد محتملة، ثم هو مختلفٌ فيه، وهو وسطٌ. فإن يكنْهُ، فالإسناد صالحٌ، ومثلُ هذه الحكايات يتسامح فيها أهلُ العلمُ) انتهى كلامه. 
قلت: أبو رباح هو: عبد الله بن رباح القرشي، قال أبو أحمد الحاكم في (الأسامي والكنى) [5/15]:أخبرنا أبو العباس الثقفي قال سمعت المفضل بن غسان يعني الغلابي قال سمعت يحيى بن معين يقول: سفيان عن أبي رباح اسمه: عبد الله بن رباح) اهـ.
قلت: الحمد لله على توفيقه.
هذا.... وله وجه آخر عن سعيد:
أخرجه الخطيب في (الفقيه والمتفقه) [1/214 رقم: 381]، قال أنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان, أنا عثمان بن أحمد الدقاق, نا أبو الإصبع القرقساني, نا مخلد بن مالك الحراني, نا عطاف بن خالد, عن عبد الرحمن بن حرملة, أن سعيد بن المسيب, نظر إلى رجل صلى بعد النداء من صلاة الصبح, فأكثر الصلاة فحصبه , ثم قال: « إِذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُكُم يَعْلَم فَلْيَسْأَل, إِنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ النِّدَاءِ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ » قال : فانصرف فقال : يا أبا محمد , أتخشى أن يعذبني الله بكثرة الصلاة ؟ قال : «بَلْ أَخْشَى أَنْ يُعَذِّبَكَ اللهُ بِتَرْكِ السُّنَّةِ ».
قلت: إسناده حسن.
عبد الرحمن بن حرملة: قال النسائي لا بأس به، وعطاف بن خالد: صدوق يهم، ومخلد بن مالك الحراني: لا بأس به، وبقية رجاله ثقات.
فالأثر صحيح بمجموع طرقه والله أعلم.
انتهى من كتابي (نزل الأبرار في السلسلة الصحيحة من الآثار) [1/273].
وكتب:
أبو العباس بلال بن عبد الغني السالمي الأثري
الثغر السكندري
29/6/1437هـ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق